“ لا تستغرب وقوع الأكدار، ما دامت في هذه الدار، فإنها ما أبرزت إلا ما هو مستحقٌّ وصفها وواجب نعتها”
حكمة عطائية
.
الذي يتحدثون على الدنيا انها كانت بخير في زمن ما ،مخطئون طبعا ..لان الانسان فقط يكبر وتتبدل الامور من وجهة نظره فيحسب ان العالم من قبل كان جيدا .. لذا معظم الذين عاشوا طفولة سيئة لا يعتقدون ان العالم كان جيدا و لو للحظة ..
هذا المقال اولا موجه لاولئك الذين يقولون ان الامور الجيدة قد ذهبت والحياء والعفة والكرم وكل الاشياء الجميلة ويطلقون اسم “الزمن الجميل” على ازمان معينة كان فيها الكثير مما يحبونه “هم “فقط ، ولم يدروا ان ذلك الزمن ربما كان وبالا على اخرين وكوارث وان ما ينتقدونه الان هو فترة عز اخرين .. ولا دوام الا لله الواحد القهار، وتلك الايام نداولها بين الناس ..
المهم… في رسالة جيدة لبديع الزمان الهمداني لاحد اصدقائه لما اشتكى له تكدر الزمان وغدر الايام ..الخ… فكتب له ومتى كان صافيا ؟..
.
فما ان وضع سيدنا ادم وزوجه رجليه على الارض حتى اتت مشكلة القربان وزواج ابنائه ثم جريمة قابيل..بعد ذلك سيدنا نوح اُغرق قومه لسوءهم ومات ابنه غرقا وكانت زوجته كافرة ..ثم اقوام كثيرة جدا لم يحكي عنها الله، لكن كانت لهم مشاكلهم التي كانوا اكيد يقولون فيها ” ان زمانهم اصعب زمان يمكن الوصول له !” بعد نوح اتى قوم سيدنا لوط الذي تفننوا في الموبقات فاُهلكوا حتى هم بعذاب فريد وهو مطر السوء .. اتى بعدها الكثيرون :عاد واصحاب الايكة والرس وثمود وقوم سيدنا ابراهيم وتبع .وحمير وبابل ثم اتى سيدنا يعقوب اسحاق واسماعيل عليهم السلام كلهم .. وكل واحد له قصص كثيرة واكيد انها لم تكن تسر احدا لولا الايمان بالله عز وجل .. فسيدنا ابراهيم عليه السلام كان مستضعفا في قومه حتى ان القوم لما سألوا من كسر اصنامهم قالوا سمعنا “فتى” ..ماذا ؟ مجرد فتى ! اي انه مزال شابا لم يسمع به احد ..
القي في النار وابتلي بطرده من البيت وهو صغير من عمه .. وربما انه كان يتيم الاب ..وقصصه الاخرى معروفة تماما ..
قصة سيدنا موسى عليه السلام مع بني اسرائيل دليل جيد ايضا على ان الامر لم يكن صافيا في اي يوم ما ..فحتى قبل ان ياتي سيدنا ادم قالت له الارض لما نزل عليها يا ادم اتيت وانا في هرمي و كبري ! ومعروف ان الجن عاشوا فيها وكانت لهم شعوب وقبائل وحروب ومشاكل وانبياء حتى ….’راجع سورة الجن ‘ .وبلغوا من المشاكل ما جعل ابليس يدعو الله ان يرفعه مع الملائكة ففعل ..ابليس وما ادراك لم يستطع المكوث معهم طبعا في ذلك الوقت كان متعبدا ..
وبعد ان امر الله الملائكة ان يطهروا الارض منهم ويلجؤوا من بقي الى الكهوف والوديان والبحار الشاسعة .. اتى سيدنا ادم ..
الامر اذن لم يكن صافيا من البدء .. ولم يكن هناك زمن جميل تجتمع فيه كل الامور االطيبة .. لو حدث هذا وقد ذُكر في بعض الاحاديث لكان زمن المهدي المنتظر فقط رضي الله عنه فهو الموعود ان يحكم الناس حوالي السبع سنين لم تمض على الارض مثلها في العدل والبركة والخير والامن ..” وهي في المستقبل وليست في الماضي”.
طبعا هناك فترات امن وفترات خوف وانقلابات وهدن ,,لكن هنا نتحدث على الصفاء والصفو ..لا يوجد في الدنيا في اي زمن ..لا قديما ولا حديثا..
النبي صلى الله عليه وسلم تم تسميمه ، وحاولوا قتله ..وكان الصحابة يحرسونه حتى نزل قوله والله يعصمك من الناس فقال لهم ان يذهبوا لشؤونهم…سيدنا علي و عمر وعثمان ماتوا شهداء .. قتل الكثير في الفتن منهم سيدنا عمار بن ياسر وما حدث لابويه لم يكن قليلا ..الخ والقصص معروفة في ذلك ..
السيدة اسماء كانت تعمل بجد في بيت الزبير رضي الله عنه ثم كبرت وحضرت حتى عهد الحجاج وقتل ابنها على الكعبة سيدنا عبد الله رضي الله عنه
الحجاج ضرب الكعبة بالمنجنيق وهدمها واعاد بنائها ..وقتل من قتل في الحرم .. وهو من رواة القران المعتمدين بتحزيب القرآن الى ارباع اثمان واثلاث ..ورواياته الان نقرؤها ..
القرامطة في العهد العباسي اخذوا الحجر الاسود 20 سنة .. و قائدهم اخذه وصاح باعلى صوته : اين الطير الابابيل اين الحجارة من سجيل ؟.. المشكل انه كان يدعي انه مسلماً..
شيء اخر هو انه قتل ونهب ما شاء الله في ذلك الزمن وغلب ثمانين الفا من جيش المقتدر وبعث له رسالة سيئة شديدة اللهجة وتفتقر للادب في المخاطبة .. حتى قال المقتدر العباسي اُفِّ لثمانين الفا لا يغلبون الفين ..
متى صفت الدنيا ؟.. وتركة الرجل المريض قسمت ولم يراعي فيها لا اسم الله ولا اسم يسوع وكان وراءها اليهود ..متى صفا الزمن ؟والدنيا لم يمدحها احد قط عاش فيها ..
اكيد ان في التاريخ احداثا اخرى وفجائع اعظم كالحرب العالمية الاولى والثانية ،سقوط غرناطة وبغداد واجتياح المغول .. هناك ايضا اشياء كثيرة مفرحة كبطولة قطز و بيبرس وشجاعة عنتر والشنفرى الخ .. هناك الكثير من الحزن والفرح هناك الكثير من الدموع هناك شيء يسمى الدنيا!!